شهدت
السنوات الماضية انتشاراً واسعاً لشبكة الإنترنت، ونمواً هائلاً بعدد المستخدمين
أو بعدد المواقع الإلكترونية التي تزودهم بالمعلومات. حيث تشير إحصائية إنترنت
التي ينشرها الموقع الإلكتروني «إحصاءات الإنترنت العالمية» (Internet World Stats) إلى
أن عدد الأشخاص الذين أتيح لهم النفاذ إلى الانترنت بلغ حوالي 16 مليون شخص عام
1995، وتضاعف هذا العدد بشكل كبير ليصبح حوالي مليار و400 مليون مستخدم خلال سنة
2008.
وتوجد
الصين على رأس قائمة دول العالم في مجال عدد مستخدمي الإنترنت الذين بلغ عددهم
فيها 221 مليون شخص في شهر فبرابر2008.
أما
بالنسبة للعرب، فإن عدد مستخدمي الإنترنت في البلاد العربية سيصل إلى 52 مليون
مستخدم مع نهاية عام 2008 بنسبه %7 من عدد السكان على الرغم من ضعف المحتوى
الموجود باللغة العربية أمام اللغة الانجليزية وقلة المواقع الإكترونية العربية (
14 ألف موقع ) أمام المحتوى الإسرائيلى الذى بلغ 35 الف موقع.
لقد
انتشرت خدمات الإنترنت في الدول العربية منذ الألفية الجديدة، وشهدت نموا كبيرا في
السنوات الأخيرة لكن بنسب متفاوتة؛ حيث لاتزال نسبة عدد مستخدمي الإنترنت في كل من
اليمن و عمان وسوريا والعراق لا تصل إلى 10 في المائة.
ومن
خلال إحصائيات الموقع الالكتروني Internet World
Stats فإن مستوى نسب دخول المواطن العربي للعالم الافتراضي لا تزال
منخفضة في كثير من البلاد العربية ( العراق 0.1 في المائة، اليمن 1.2 في المائة،
سوريا 7.8 في المائة) . بالمقابل لا تتجاوز نسبة دخول مواطني دولة الإمارات
العربية المتحدة 38.4 % رغم احتلالها المرتبة الأولى بين الدول العربية (دجنبر
2007).
بصفة
عامة يمكن أن نرجع التفاوت داخل الدول العربية إلى الأسباب التالية: البنية
التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كلفة الإنترنت، مستوى الدخل القومي
والقدرة الشرائية.
الحضور
العربي في العالم الافتراضي
يمكن
قياس مستوى الحضور العربي في العالم الافتراضي بعدد الذين يتكلمون العربية في
الانترنت وبمستوى انتشار اللغة العربية على المواقع الإلكرتونية:
العربية
سابع لغة تستخدم على الإنترنت
تظهر
الأرقام التي كشف عنها الموقع الإلكتروني «إحصاءات الإنترنت العالمية» أن اللغة
العربية تحتل المرتبة السابعة ضمن أكثر لغات العالم استخدامًا للإنترنت. وبلغ
إجمالي المتحدثين باللغة العربية 357,271,398 شخص ( قرابة ثلاثمائة مليون شخص
يتكلمون اللغة العربية) بينما بلغ مستخدمو الإنترنت منهم59,810,400 مستخدم.
كما
تظهر الإحصائيات أن اللغة العربية هي أكثر اللغات زيادةَ وتحسناً بالفترة مابين
2000 الى 2008 , حيث كانت الزيادة بنسبة 1,5759 %. لكن من حيث نسبة عدد المستخدمين
للإنترنت في العالم إلى عدد السكان، فإن هذه النسبة لا تتعدى %16.7 بينما
الايطالية تصل النسبة إلى 60 % تقريبا رغم تواجدها في الرتبة 10.
وتتصدر
الإنجليزية اللائحة تليها الصينية والإسبانية واليابانية والفرنسية والألمانية ثم
تأتي البرتغالية في المرتبة الثامنة تليها الكورية ثم الإيطالية في المرتبة
العاشرة.
الصفحات
العربية على الإنترنت لا تتجاوز 0.1 في المائة
من
الصعب معرفة عدد صفحات الانترنت، بسبب التطور السريع والمذهل التي تتميز به الشبكة
العالمية، كما أن جل الدراسات يغلب عليها الطابع التقديري، ولا تقوم بحساب إلا
الصفحات التي يم يتم فهرستها من طرف محركات البحث، أي ما يسمى بالويب الظاهري.
فحسب تقديرات أغلب المؤسسات فإن عدد صفحات الويب يقدر ب 50 بليون ( 27 ماي 2008).
الازدياد
الكبير في عدد المواقع الجديدة بقي لآخر شهر من السنة الماضية ليسجل دجنبر 2007
ازديادا قدره 5,4 مليون لوحده ليصل عدد المواقع إلى 155 583 825 موقع إلكتروني
خلال يناير 2008، حسب بحث قامت به شركة Netcraft فإن عدد المواقع الجديدة لعام 2007 وصل الى 50 مليون موقع جديد.
وهذا العدد أكبر من سنة 2006 التي وصل فيها عدد المواقع الجديدة إلى 30 مليون؛
بسبب ارتفاع عدد المدونات وازديادها المواقع الاجتماعية.
وفيما
يخص المواقع الإلكترونية العربية فقد أصدرت منظمة الإسكوا خلال شهر أبريل 2008،
تقريرا يشير إلى أن الصفحات العربية على الإنترنت لا تتجاوز 0.1 في المائة من
إجمالي عدد الصفحات على الشبكة العنكبوتية، حيث يناهز مجموع الصفحات العربية
أربعين مليون صفحة، في حين يقدر العدد الإجمالي العالمي بأربعين مليار صفحة.
وأكد
التقرير، الذي أعده مستشار منظمة الإسكوا في قضايا المعلوماتية، نبيل علي أن
«العرب لم ينافسوا لغاية الآن في مجال إعداد البرمجيات في معظم المجالات، وبالتالي
فإنهم يحصلون على أدنى حصة في مجال صناعة المعلوماتية». وبين التقرير، الذي ارتكز
على دراسة طالت أكثر من مائتي موقع إلكتروني عربي، وجود فجوة في صناعة المحتوى
الرقمي بين الدول العربية وإسرائيل، مشيرا إلى أن نسبة ولوج مستخدمي العبرية إلى
المواقع الإلكترونية بلغت 66 في المائة، في حين أنها لم تتعد بالنسبة للمستخدمين
العرب حاجز 13.6 في المائة.
وحسب
الدكتور حسن مظفر الرزو، فإن المواقع السورية هي أكثر المواقع العربية توظيفا
للخطاب العربي في مضامينها، وتأتي بعدها السعودية وفلسطين. بينما يلاحظ تدني توظيف
الخطاب العربي بمضامين مواقعها على الانترنت لدى دول مثل: الإمارات ومصر ولبنان
التي تميل مواقعها إلى استخدام اللغة الانجليزية بكثافة ملحوظة» («الفضاء
المعلوماتي» ص 381). ونضيف بالنسبة للمغرب العربي الاستعمال الواضح للغة الفرنسية
كلغة رئيسية لمحتوى المواقع الحكومية ومواقع أخرى.
إن
معظم المواقع الإلكترونية العربية تفتقد الرؤية الشاملة التي تضمن بناءها
واستمرارها، و أغلب المؤسسات الرسمية العربية «تفتقد الحدّ الأدنى من ثقافة تقديم
الخدمات، وترسخ لديها نوع من الرقابة الداخلية»، كما أشارت لذلك دراسة منظمة
«الإسكوا» والتي تعتبر إحدى اللجان الإقليمية الخمس التابعة للأمم المتحدة التي
تهدف إلى دعم التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين بلدان المنطقة وتحفيز عملية
التنمية فيها من أجل تحقيق التكامل.
كما
أكد البحث، الذي عرض خلال اجتماع نظمته «الإسكوا» حول موضوع «تعزيز صناعة المحتوى
الرقمي العربي»، «غياب أية مشاريع عربية جادة في صناعة المحتوى، سواء من حيث تبادل
المعلومات والخبرات، أو أعمال البحوث والتطوير لتكنولوجيات صناعة المحتوى»، موضحا
أن «الجاهزية الشبكية البينية العربية في ما يخص المحتوى شبه غائبة».
ويشير
التقرير إلى أن أغلبية البرامج والمواقع الإلكترونية التي تتواصل باللغة العربية
أنشأتها شركات أجنبية وعالمية سيطرت على الأسواق العربية، لكنه يوضح أن «نجاحها
نسبي، لأنها لا تراعي منطق التفكير العربي».
وعن
نوع المشكلات التي تعترض تكوين منافس عربي لاحتكار (مايكروسوفت)، يبين التقرير أن
هناك عوائق تقنية مهمة يجب تخطيها، منها القدرات المالية المتواضعة للقطاع في
العالم العربي، وعدم القدرة على إنتاج برمجيات متطورة.
كما
استعرض البحث نقاط ضعف كثيرة في البرامج العاملة باللغة العربية، منها عدم المقدرة
على الوصول بطريقة سلسة إلى المتلقين، وهي من المشكلات التي تشكو منها المواقع
العربية، إضافة إلى غياب الانتظام في دورة تحديث المعلومات والخدمات، ووجود فجوة
تكنولوجية بسبب تخلف أدوات التصميم والتطوير والتشغيل.
زكرياء
سحنون
المقال منشور بجريدة العرب القطرية خلال شهر فبراير 2008
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire