jeudi 5 avril 2012

هل يمكن تقنين ما لا نتحكم فيه؟


   
       في يوم الخميس  19 يناير 2012 ، قامت الشرطة الفدرالية FBI بإغلاق جميع المواقع التابعة لميغابلود ذات النطاق .com  إلى جانب حجز جميع الخوادم المتواجدة في الولايات المتحدة الأمريكية و كافة البيانات المخزنة.

       و أجبر قرار محكمة العدل بفيرجينيا شركة فيريساين veriSign بإلغاء أسماء نطاق مواقع ميغابلود وبالتالي لن يستطيع المستخدمون الولوج إليها، رغم أن الخوادم موجودة بهنكونغ، لأن جميع المواقع التي تملك اسم النطاق .COM يتم إدارتها من هذه الشركة و المعتمدة من قبل مؤسسة الإنترنت لإسناد الأسماء والأرقام (ICANN)  التي مقرها كاليفورنيا وبالتالي يطبق عليها القانون الأمريكي. 


       إن قضية موقع ميغابلود megaupload أظهرت بشكل جلي من يتحكم في الانترنت، حيث قام مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI بولاية فرجينيا الأمريكية بإغلاق 17 موقع ويب تابع ل"ميغابلود" بداعي انتهاكه لحقوق ملفات محمية ومحفوظة لأصحابها .



الانترنت..أصول عسكرية
       لقد ظهرت "شبكة الشبكات" الانترنت ، استجابة لتحد عسكري رفعته وزارة الدفاع الأمريكية لمواجهة التفوق التكنولوجي للإتحاد السوفياتي العدو الأول للإدارة الأمريكية خلال الخمسينيات.
         فمباشرة بعد إطلاق السوفييت للقمر الصناعي Spoutnik ، عملت وزراة الدفاع الأمريكية على تأسيس وكالة تهتم بالدراسات والأبحاث العسكرية قادرة على الرفع من الأداء الأمريكي في مجال العلوم والتكنولوجيا التطبيقية في الدفاع .
          وهكذا يوم 7  فبراير 1958 سيصدر الرئيس الأمريكي  "إزنهاور "  القرار DoD Directive 5105.15 الذي سيتم بموجبه تأسيس  وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة ARPA ، و هي إحدى وكالات وزارة الدفاع الأمريكية المعنية بإيجاد تقنية جديدة وتطوير وسائل الدفاع الأمريكية.
         وعملت الإدارة الأمريكية والمؤسسات والشركات الخاصة التي لها علاقة بالجيش، على تطوير تكنولوجيا تحويل الحزم  Packet switchingحيث لا ترسل الرسالة كوحدة متكاملة، بل يتم تقسيمها الى حزم صغيرة (Packets) ثم ترسل. وبعد ذلك يقوم الجهاز المستقبل بإعادة تجميعها لتكوين الرسالة الأصلية ، و يضاف الى كل حزمة عنوان المرسل و المستقبل و معلومات أخرى. وهي الفكرة التي سترتكز عليها فيما بعد الانترت، حيث سيشكل مع مفهوم الشبكات و البروتكولات TCP/IP أساس الانترنت.
         ومن بين أهم المؤسسات التي اشتغلت على تطوير شبكات الاتصالات وبالخصوص على نظرية الحزم الصغيرة نذكر: 
         -       مؤسسة راند (Rand)  . وقد تأسست هذه المؤسسة سنة 1948  بعد تجنيد العلماء والخبراء في التكنولوجيا بموجب عقد مع شركة "دوغلاس للطيران،  و هي متخصصة فى الأبحاث والتطوير و مرتبطة بالبنتغون.
          - وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة ARPA ( Advanced Research Projects Agency ) و هي وكالة تهتم بالدراسات والأبحاث العسكرية بهدف الرفع من الأداء الأمريكي في مجال العلوم والتكنولوجيا التطبيقية في الدفاع. و قد تحولت في السبعينيات إلى DARPA وأصبحت وكالة منفصلة لكن تبقى دائما تحث ظل وزارة الدفاع.
-       شركة Bolt, Beranek and Newman  المعروفة باختصار BBN و التي هي قامت بتزويد الحواسب الأولى المرتبطة بشبكة أربانت التي تعتبر مقدمة للإنترنت اليوم . و تأسست سنة 1948 من طرف أستاذين من معهد ماساشوسيت: Richard Bolt  و  Leo Beranek إلى جانب طالب لهما Robert Newman، ولهذا سميت الشركة باسمهم.
       وبعد مرور عشرات السنوات ، ستعرف الانترنت تطورا مهما بفضل أحد العلماء الباحثين هو " تيم بيرنرز لي" الذي كان يعمل فيزيائيا بالمنظمة الأوروبية للبحث النووي   Organisation européenne pour la recherche nucléaire ( CERN) بجنيف السويسرية ، حيث سيخترع الشبكة العنكبوتية العالمية : الويب، مع بداية التسعينيات.

كيف تعمل الانترنت؟
       إن الإنترنت هي عبارة عن شبكة عالمية تربط الملايين من الحواسب بعضها ببعض عبر أسلاك أوكابلات ، حيث تقوم الحواسب بإرسال أو استقبال البيانات و المعلومات باستخدام "بروتوكول الإنترنت" (IP) الذي هو عبارة عن "لغة" تمكن الحواسب من فهم بعضها البعض.
       هذه الشبكة العالمية مبنية على قاعدة جهاز الخادم/الزبون Serveur/Client، حيث يقوم الحاسوب/الزبون ( مستخدم الانترنت) بالبحث عن المعلومات (صفحات الويب المخزنة على أجهزة الخوادم المنتشرة عبر العالم) باستعمال برنامج خاص للإبحار (المستعرض ) والبحث داخل الحاسوب/الخادم الذي يخزن البيانات الرقمية على الأقراص الصلبة ثم يقوم بإرسالها عند الطلب إلى الحاسوب الزبون.
       ولكي تتمكن الحواسب من تبادل البيانات والاتصال فيما بينها لا بد لها من معايير للاتصال تسمى "بروتوكول" الانترنت.
       فكل حاسوب موصول بالإنترنت يتوفر على " عنوان بروتوكول الإنترنت" (IP Address). ويكون هذا العنوان على هيئة أربعة أعداد مفصولة عن بعضها بنقاط، ومثال ذلك 212.217.67.89.
       ويقوم البروتوكول بتحديد كيفية تقسيم المعلومة الواحدة إلى أجزاء أصغر تسمى الحزم Packetsومن ثم يقوم الطرف المرسل بإرسال الحزم إلى حاسوب آخر متواجد على الشبكة المعلوماتية. ثم يقوم هذا الجهاز بدوره بإرسال الحزم إلى حاسوب آخر وتكرر هذه العملية إلى أن تصل الحزم إلى الطرف المرسل إليه.
       وإذا كانت الأرقام IP مفهومة فيما بين الحواسب والآلات، فإنها تبقى غير ذات معنى بالنسبة للإنسان، لدى اخترع سنة  1982 نظام يقوم بتحديد العناوين Domain Name System  الذي يختصر ب DNS بهدف ربط كل عنوان IP باسم يتكون من حروف لاتينية ( خلال عام 2011 بدأ استعمال العربية و لغات أخرى).
 إدارة نظام DNS  من طرف الولايات المتحدة الأمريكية
منذ عام 1998، ستقوم الإدارة الأمريكية بتسليم إدارة شبكة الانترنت إلى مؤسسة آيكان ( ICANN) ، و هي اختصارا ل Internet Corporation for Assigned Names and Numbers  .
       إنها منظمة غير ربحية يطبق عليها قانون كاليفورنيا، وتختص بتوزيع وإدارة عناوين IPوأسماء النطاق وتخصيص أسماء المواقع العليا (.com,.info, .maوغيرها) في جميع أنحاء العالم، ولها وظيفة إدارة الموارد الرئيسية للبنية التحتية للشبكة مثل الحواسيب القاعدية root servers.
       و تمتلك  الولايات المتحدة” أغلب مزودات الإنترنت ، كما تستضيف الكثير من المواقع العالمية وحتى المحلية ( بما فيها مواقع الصحافة الالكترونية المغربية). ويمكن التعرف على هذه الخوادم  بزيارة موقع       http://www.root-servers.org/.
       وتقوم "إيكان " بدور عامل التحويل aiguilleur  في الشبكة و ترتكز على بنية تكنلوجية تتكون من 13 حواسيب قوية تسمى خوادم رئيسية لأسماء نطاقات serveurs racines DNS متواجدة بالولايات المتحدة الأمريكية (كاليوفرنيا و بواشنطن)، و خوادم بأوروبا واليابان
و جميع الشركات والمنظمات والأفراد ـ لابد أن يقوموا بتسجيل أسماء النطاق الخاصة بهم لدى جهات مختصة معترف بها من طرف أيكان. و تحكم الإدارة الأمريكية في نظام DNS يعني نظريا أنه يمكن للإيكان أن تقوم بحذف نطاق دولة ما وبالتالي تعطيل موارد الانترنت لبلد ما.
       إن كثرة الحديث في الأيام الأخيرة بالمغرب، عن تقنين بعض مرافق وخدمات الشبكة يشي بأننا بإزاء قطاع يتحكم فيه المغرب أو العرب. و المعلوم أن جل المواقع الإلكترونية المغربية (بمافيها المواقع الرسمية ) يتم استضافتها من قبل خوادم  Serveurs موجودة في الولايات المتحدة الأمريكية و كندا و أوروبا، كما أن منظمات وشركات أمريكية هي التي تتحكم في إدارة أسماء نطاق المواقع DNS.


زكرياء سحنون

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire